في ليلة مقمرة و على سطح مبنى شاهق، وقف شاب هيئته كالمقاتلين و يحمل بيديه خنجران طويلان و على ظهره رداء اسود يصل الى ركبتيه و وجهه ملثم و لا تظهر سوى عيونه ، وقف أمام فتاة تبدوا في العشرينات من عمرها ، لا تحمل اي شيء و لباسها عادي ، لكن وجهها يوحي على ثقتها بنفسها و عزمها. قال لها الشاب لها :« سمعت أنك من أقوى الصيادين في هذه المنطقة ، ستكون منازلتك و بلا شك ممتعة ». فقالت له الشابة و وجهها خالي من المشاعر :« شوو باغون ، سمعت انك من أضعف السيافين على الإطلاق ، لما لا تكف عن الثرثرة ، و لنباشر القتال ». فقام الشاب المدعو باغون بنصب سيفيه القاطعين و إنطلق نحوها ليهاجمها ، و في لحظة هجومه عليها تمكنت من تفادي هجومه و الإنفلات منه بسرعة، فاستدار لجهتها و حاول مهاجمتها مجددا ، لكنها انفلثت من هجومه مرة اخرى . و في كل مرة يهاجمها كانت تنفلت من هجومه و تتخطاه بسرعة ، كانت تنساب من أمامه بدقة عالية دون أن يصيبها . فأدرك باغون أن هجماته غير نافعة مع هذه الشابة فقرر تغير خطته في القتال ، حيث بدأ يهاجمها من جانب واحد ، فكانت هي تتخطى هجماته دون أن يصيبها حتى تفاجأت ، فتوقف باغون و إبتسم قائلا :« غبية . لقد إصطدتك بدل ان تصطادينني ». نظرت إليه و ملامحها لا تبدي التفاجؤ و قالت :« لقد كانت هذه هي خطتك إذن !.» ثم إبتسمت .فقد كانت خطة باغون هي ان يحاصر الشابة مع زاوية السطح حيث لا يمكنها ان تنفلث منه . قالت الشابة لباغون :« يبدو انك تفتقد للمهارة و التخطيط فعلا » فقال لها :« حقا! إذن أريني ما ستفعلينه ؟. لديك خياران فحسب إما ان تسقطي من علو هذا المبنى الشاهق أو ان تحاولي تجاوزي و في كلتاهما لا أضمن لك النجاة .» فقالت له :« ماذا عن خيار ثالث ؟ كأن أواجهك مثلا» فقال لها مبتسما :« جربي ». أخدت نفسا عميقا ثم قالت :« لقد قررت اذن ان...» و في لحظة مفاجئة قفزت قفزة عالية فنزلت على حافة جدار السطح واقفة و أكملت حديثها مبتسمة :« ...أختار خياري » ثم قفزت نحو الأسفل و هي تنظر اليه مبتسمة ثم غمزت له و سقطت نحو الشارع. تفاجئ باغون لما فعلته الشابة ، لم يظن أنها ستختار السقوط ، و لما أسرع لرؤيتها و هي تسقط، و أطل من الحافة على الشارع، تفاجئ اذ لم يجدها ، بدأ يتحقق جيدا لكنه لم يجد أي أثر لها و كأنها إختفت ، فأدرك أنها هربت منه بطريقة ما. و فجأة ضربته الشابة إلى وجهه برجلها على غفلة منه فأسقطته أرضا، و وقفت أمامه ، نظر إليها و هو متفاجئ فقال :« ذكية...» ثم حاول النهوض لكنه لم يستطع ، فقالت له :« ظننت للحظة أنك بتخطيطاتك قادر على أن تحصرني بين خياران أضفت فوقهما خيار ثالث . لكن لم تظن لقلة معارفك أني قادرة على إختيار الخيارات الثلاث معا، أن أسقط و أن أتخطاك و أهاجمك دون أن تلمسني حتى ...». كان باغون لا يستطيع التحرك، أحس و كأنه مربوط بخيوط تشل حركته و كان إحساسه في محله، لانه بدأ يرى خيوطا تكاد لا ترى تحوم حوله و هو مربوط بها ، و لما تتبع هذه الخيوط وجدها تنبع من أصابع يد الشابة ، فسألها مستغربا :« ما هذا بالضبط ؟!». فقالت له :« قلت أنك سمعت عني أني صيادة ماهرة ، فألم تسمع عني أني خياطة ماهرة كذلك؟». غضب باغون لإستهزاء الشابة به ثم إبتسم و قال لها :« هكذا إذن »، ثم أخرج سكين حاد من فمه و بدأ يتحكم به بفمه ليمزق الخيوط لكنه لم يفلح لأن تلك الخيوط لم تتمزق بالرغم من أن السكين كان حاد جدا. تفاجئ من الأمر و نظر إليها منبهرا، أما هي فنظرت إليه نظرة إستغراب قائلة:« كيف تمكنت من إخفاء سكين حاد في فمك دون أن يجرحك ؟»، فرما السكين من فمه و قال غاضبا و صارخا :« أنت التي كيف لم تتمزق خيوطك هذه رغم أن سكيني كان حادا ؟». فقالت له :« خيوطي لا تتمزق فهي مشبعة بالطاقة الرابعة، طاقة خاصة تكسب خيوطي صلابة دفاعية تمنعها من التمزق ، فقوة حتى أقوى السيوف لا تستطيع تمزيقها ». نظر باغون إلى السماء و أغمض عينه معبرا بذلك عن إستسلامه ، فقامت الشابة بوضعه على كتفها و هو لا يزال مربوطا ثم حملت سكينه و سيفيه و قفزت به من سطح المبنى نحو الأسفل ، ثم بإستخدام خيوطها بدأت تتنقل به بين أرجاء الشوارع و كأنها تطير.
[تطوان-المغرب](مركز صيادي الجوائز)(22:06)
وصلت الشابة إلى مركز صائدي الجوائز الذي يقع شرق المدينة حاملة باغون على كتفها ، ثم سلمته إلى شرطة المركز مع أسلحته ، فقد كان شوو باغون مطلوبا للعدالة و كانت جائزة صيده 6000 درهم، و لما كانت الشابة تستلم نقود جائزتها سمعت صوتا يناديها :« مرحبا ريميس »، فأدارت وجهها لترى من نداها فوجدت صديقا لها قالت له:« آه ! سفين كيف حالك ؟». فقال سفين الذي كان يبدو شخصا عاديا غير أن عينه اليمنى زرقاء بها رمز غريب و عينه الأخرى سوداء طبيعية لها :«أنا بخير، لابد أنك اصطدت مجرما أخر. هل كان صعبا؟» فقالت ريميس :« لا على العكس لقد كان سهلا إنه شوو باغون ». فقال :« آآه، إنه أسهل بكثير عن صاحب ال 20000 درهم الذي إصطدته الأسبوع الماضي، إنك يا ريميس من أقوى الصيادين حقا ! تستحقين لقب أقوى صياد » فقالت له :« شكرا على إطرائك ». ثم قال لها:« بما أنك ربحت 6000 درهم يا عزيزتي ريميس هل بإمكانك إقراضي بعض النقود ؟» نظرت إليه ريميس نظرة إستهزائية قائلا :« يا لك من متملق حقا ! تحاول إطرائي من أجل أن أقرضك النقود ،حسنا خذ 6000 درهم هذه دون إقتراض إعتبرها هبة، فأساسا لم يكن هدفي من الصيد اليوم هو المال، فقد كنت أريد أن أتسلى فحسب ». أخذ سفين النقود سعيدا و قال لها :« شكرا يا ريميس حقا، فأنت سخية فعلا!». و هكذا بقيا يتحدثان معا طويلا ، و بعدها ودعته و ذهبت إلى بيتها، كما رحل هو أيضا إلى بيته.
[منزل ريميس-تطوان](22:36)
لما وصلت ريميس إلى بيتها الذي هو قريب نسبيا إلى مركز صائدي الجوائز . دخلت و أعدت عشائها ثم تناولته و إستحمت من بعدها، و ذهبت إلى غرفة نومها ، جلست على مكتب بقرب النافذة التي كانت مفتوحة و يظهر القمر منها . ثم بدأت تبحث بحاسوبها المحمول لفترة ثم أغلقته و بدأت تنظر إلى صورة يظهر فيها أربعة أولاد- ثلاث فتيات و ولد- حيث كانت ريميس في الوسط وهي تقبض بكتف صديقتيها و الفتى على الجانب الأيمن تمسك أحد صديقتيها بكتفه، كانت تنظر ريميس إلى هذه الصورة و كأنها تشاهد فيلما مثيرا بعيون تبدي حزنا و بسمة في نفس الوقت، ثم بدأت تنظر إلى القمر حتى باغتها النوم فنامت على المكتب. و فجأة وجدت ريميس نفسها في أرض جرداء منبسطة خالية، و مدى عينها لا يرى شيئا عدا إنبساط الأرض الذي في البعد تبدو متحدة مع السماء ، بدأت تسير في تلك الأرض لا تدرك شيء، حتى بدا لها شيء بعيد أسود و عندما بدأت تقترب من ذلك الشيء بدأ يتضح لها أكثر . و لما وصلت إليه بدت علامات التفاجؤ عليها. فقد كان ذلك الشيء عبارة عن رجل على هيئة شبح أسود لا يظهر منه سوى العينين و الفم. فقالت له و هي لا تزال متفاجئة:« مستحيل ! هذا أنت أبي !» فقال لها :« نعم أنا والدك يا عزيزتي ريميس ، لقد جئت إليك لأمر مهم جدا » إقتربت منه أكثرها و قالت :« ما هو ؟» فقال :« سأعطيك شيئا هو شر بحد ذاته لكنه خير بيد غير ذاته، شيء سيهلك العالم ان لم تجمعه أيد سليمة ». ثم قدم إليها قلادة بها كف في راحته عين حمراء بؤبؤها أسود، و قال :« هذه هي ما كنت أتحدث عنه إنها خميسة القلادة الأسطورية لحاكم الميزان الذي تم تفريق قواه الهائلة و هذه القلادة هي التي إذا جمعت تجمعت قوى حاكم الميزان و أعاد التوازن إلى عالمنا و حياتنا هذه التي أصبحت مختلة.»، أخذت ريميس القلادة بيدها و قالت له :« ما المطلوب مني يا أبي ؟»، قال لها :«أنت من يجب ان تدركي ما عليك فعله ، فهذا العالم مليء بالغموض بقدر ما هو واضح ...» -ثم بدأ يتلاشى مكملا حديثه- «... و تذكري نصيحتي أن الذين تتغير حياتهم من أجل هدف أو حلم، لا تتغير دائما نحو الأفضل و لكنها لا تتغير دوما نحو الأسوء...» ثم تلاشى نهائيا، حاولت ريميس ان تناديه لكنها تراجعت ثم بدأت تنظر إلى تلك الخميسة-القلادة-فوقع نظرها على الأرض لترى زهرة صغيرة نمت في هذه الأرض الجرداء ، فإبتسمت ثم بدأت تسمع رنينا يزداد قوة...، ثم فتحت عينيها لتجد نفسها نائمة على المكتب و قد أطل الصباح و هاتفها يرن، نهضت لتأخذه من فوق منضدة سريرها، ثم فتحت الخط :« ألو؟ من المتصل؟» فأجاب المتصل :« و أخيرا أجبت ! جيد ريميس ، هذه أنا صديقتك ليوي » فردت ريميس :« آه! ليوي هذه أنت ! كيف حالك لقد مر وقت طويل لم أراك فيه أين غبت عنا ؟» فقالت ليوي :« لقد سافرت إلى التشيلي في أمريكا اللاثينية ، في الحقيقة إني إتصلت بك لأمر هام، إني في مأزق كبير و أحتاج إلى مساعدتك..» فقالت ريميس : م...مأزق ! ماذا هناك هل أنت في خطر ما ؟ ما الأمر ؟» فردت ليوي :« القصة طويلة لا أستطيع سردها على الهاتف، فهل تستطعين مساعدتي ؟» فردت ريميس : « بالأكيد يا ليوي سوف أساعدك ! أعطيني عنوانك فحسب و سأكون معك خلال يوم واحد» فقالت ليوي :« حسنا تذكريه إني في شمال التشيلي في منطقة تس... عندما تصلين إسألي عن ... ستجديني أنتظرك فيه، و لا تخ...»، كان الإرسال مشوش فلم تسمع ريميس كل ما قالته فإنقطع الخط، حاولت إعادة الإتصال بها لكن خط الهاتف كان عمومي يحظر الإتصال إليه ، فأسرعت و غسلت وجهها و فمها، ثم قامت بإتصال ذكرت فيه أنها لن تأتي إلى العمل لسبب طارئ لأيام ، كانت تعلم شركة عملها أنها ستتغيب ، و ذلك من أجل أن تنقذ صديقتها .
يتبع ...
# معارف 1 : "خميسة" #
الخميسة هي قلادة على شكل كف-يد- يتوسطه عين، عادة ما كانت تصنع من الذهب و كان يضعها كثيرا الأطفال و النساء أما الرجال فكانوا لا يهتمون لأمرها إلا قليلا، يعود أصلها إلى الثقافة المغربية حيث تعرف هذه القلادة بأن من يحملها تقيه من العين الذي يصاب بها الإنسان كعين الحقد و عين التي لا تصلي على النبي (صلى الله عليه و سلم) و عيون الشر التي تؤدي الإنسان. فهي تحميه كما يعتقد-إعتقاد باطل-من هذه العين كي لا يصاب بأذى. و ذكرت في الخرافات المغربية كثيرا، و يوجد إلى جانبها قلادتان أخرتان لهما نفس الشعبية لكن وظيفتهما مختلفان عنها هما : الخلالة و الصفيحة.
ملاحظة : الأسماء كتب نطقها بالعربية حتى لا يتم الخلط بين لغتين ، النطق اللتيني للأسماء هو كالآتي : شوو باغون shou bagon إندويا ريميس indoya rimes راموني سفين rahmoni svin ديدين ليوي didden lyoy
موضوع: رد: سر خميسة : الحلقة 1 الجمعة سبتمبر 07, 2012 8:36 pm
اي والله انا بصراحة وانا كل كلمة قراءتها كنت اتخيلها يعني تخيلت كيف شكلها وكيف مثلا اجا شكل ابوها والخ... والله قصة روووووووعة انا ابي اعينك معانا انا وسوسو تشان مؤلف موافق؟؟؟؟؟؟
موضوع: رد: سر خميسة : الحلقة 1 الجمعة سبتمبر 07, 2012 8:36 pm
اي والله انا بصراحة وانا كل كلمة قراءتها كنت اتخيلها يعني تخيلت كيف شكلها وكيف مثلا اجا شكل ابوها والخ... والله قصة روووووووعة انا ابي اعينك معانا انا وسوسو تشان مؤلف موافق؟؟؟؟؟؟
موضوع: الموافقة على الرد السبت سبتمبر 08, 2012 3:45 am
شكرا لكم على القراءة
بالأكيد في القصة أردت التوضيح قدر المستطاع و أنا أقبل بالعرض الذي تطرحونه سأقوم بإضافة بقية القصة حتى تروا مدىاها و هل هي مناسبة بالفعل لتكون عند ذوق الجميع
أنا كنت أنشر القصة في منتدى ثان و وصلت لثماني حلقات حتى الآن سأحاول التزامن بين النشر